عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي، الصحابي الشهير، وأحد العشرة المبشرين
بالجنة، وخؤولة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولد بعد عام الفيل بعشر سنين
فهو أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين. وكان ابن عوف سيّد ماله
ولم يكن عبده، ولقد بلغ من سعة عطائه وعونه أنه كان يقال:"أهل المدينة
جميعا شركاء لابن عوف في ماله، ثلث يقرضهم، وثلث يقضي عنهم ديونهم، وثلث
يصلهم ويعطيهم".
سلامه وجهاده
كان عبد الرحمن من السابقين
الأولين إلى الإسلام، إذ أسلم قبل دخول النبي محمد دار الأرقم بن أبي
الأرقم، وكان اسمه عبد عمرو وقيل عبد الحارث وقيل أيضا عبد الكعبة، فغيره
النبي محمد إلى عبد الرحمن، واسلم معه أخوه ألاسود بن عوف وهاجر الهجرتين
وشهد بدراً وسائر المشاهد، وآخى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بينه وبين
سعد بن الربيع الخزرجي.
بعثه النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى
دومة الجندل، ففتح الله عليه، وأذن له النبي محمد أن ينكح ابنة ملكهم، وهي
تماضر بنت الأصبغ الكلبي.
ذكر شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني في
الإصابة: (قال معمر عن الزهري، تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم بشطر ماله، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على
خمسمائة فرس في سبيل الله وخمسمائة راحلة).
[عدل] منزلته عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم
كان عبد الرحمن كغيره من الصحابة السابقين الأولين الذين لم يدهشهم الغنى ذا منزلة عظيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى
أحمد في مسنده عن أنس أنه كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن كلام، فقال
خالد: أتستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها!، فقال النبي محمد صلى الله عليه
وسلم : دعوا لي أصحابي
وذكر ابن سعد في الطبقات: (قال عبد الرحمن
بن عوف: قطع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضاً بالشام يُقال لها
السليل، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتب لي بها كتابا، وإنما
قال:إذا فتح الله علينا بالشام فهي لك
[عدل] منزلته عند الصحابة
كان
عمر بن الخطاب يرجع إليه في أمور كثيرة، ومما روي منها دخول البلد التي
نزل بها الطاعون، وأخذ الجزية من المجوس، وكان عمر يقول: ((عبد الرحمن سيد
من سادات المسلمين))، وكان عبد الرحمن أحد الستة الذين اختارهم عمر
لخلافته، وأرتضاه الصحابة جميعاً حكماً بينهم لاختيار خليفة لعمر.
روى
ابن سعد في الطبقات بسنده عن المسور بن مخرمة (صحابي وابن أخت عبد
الرحمن): بينما أنا أسير في ركب بين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف،
وعبد الرحمن قدامي عليه خميصة سوداء، فقال عثمان: من صاحب الخميصة السوداء؟
قالوا: عبد الرحمن بن عوف، فناداني عثمان يا مسور، قلت : لبيك أمير
المؤمنين، فقال: ((من زعم أنه خير من خالك في الهجرة الأولى وفي الهجرة
الثانية الآخرة فقد كذب)).
[عدل] أزواجه وأولاده
كان له من الولد سالم الأكبر ومات في الجاهلية وأم القاسم وأمهم أم كلثوم بنت عتبة بن ربيعة.
ومحمد وإبراهيم وإسماعيل وحميد وزيد وحميدة وأمة الرحمن الكبرى وأمهم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.
ومعن وعمر وأمة الرحمن الصغرى أمهما سهلة بنت عاصم بن عدي.
وعبد الله أمه بنت أبي الخشخاش.
وعثمان وأمه غزال بنت كسرى.
وأم يحيى أمها زينب بنت الصباح.
وجويرية أمها بادنة بنت غيلان.
وعروة الأكبر أمه بحرية بنت هانئ.
وعبد الرحمن أمه أسماء بنت سلامة.
وسالم الأصغر "أبو سلمة الفقيه" أمه تماضر بت الأصبغ.
سُهيل بن عبد الرحمن أمه مجد بنت يزيد.
ومصعب وأمية ومريم وأمهم أم حريث من سبي بهراء.
وأبو بكر أمه أم حكيم بنت قارظ.
وعروة الأصغر ويحيى وبلال لأمهات أولاد.
[عدل] وفاته
توفي
عبد الرحمن سنة ثلاث وثلاثين للهجرة في بلاد الشام، وصلى عليه أمير
المؤمنين الخليفة عثمان بن عفان، وأرادت أم المؤمنين أن تخُصَّه بشرف لم
تخصّ به سواه، فعرضت عليه قبل وفاته أن يُدفن في حجرتها إلى جوار الرسول
وأبي بكر وعمر، لكنه استحى أن يرفع نفسه إلى هذا الجوار، وطلب دفنه بجوار
عثمان بن مظعون إذ تواثقا يوما أيهما مات بعد الآخر يدفن إلى جوار صاحبه.