هل تخيَّلت يوماً ما أن
تُلقى في ظلمات البحر فيلتهمك حوت عملاق يزن أكثر من مئة طن؟ ماذا ستفعل،
ومن ستنادي، وهل تتصور بأن من تناديه قادر على الإجابة؟! هذه تساؤلات خطرت
ببالي عندما كنتُ أتأمل قصة سيدنا يونس عليه السلام، مقارنة بواقعنا وما
نراه اليوم من واقع يعيشه المسلمون، لم يعد لديهم إلا الدعاء لعلاج
مشاكلهم، وعلى الرغم من الدعاء لا نجد الاستجابة السريعة من الله تعالى،
ربما لأننا فقدنا الإخلاص.
الدعاء يا أحبتي له
شروط ومن أهم شروطه أمران: الإخلاص والعمل، فالإخلاص يعني أننا نتوجه
بقلوبنا وعقولنا إلى الله وحده أثناء الدعاء، وحتى نصل لهذه المرتبة ننظر
إلى سلوكنا، هل تصرفاتنا وأعمالنا وأقوالنا ترضي الله، ولا نبتغي بها إلا
وجه الله؟
أما العمل فيعني أننا
نستجيب لنداء الخالق تبارك وتعالى، فندرس ونتعلم أسرار الكون والطبيعة
وأسرار النفس، ومن ثم نفكر بطريقة علمية نطوّر بها أنفسنا، فتكون كل
أعمالنا لله ومن أجل الله، عندها سيُستجاب الدعاء إن شاء الله.
ولكن المشكلة أن معظم
المسلمين فقدوا الإخلاص والعمل، ولم يبقَ لديهم من أسباب استجابة الدعاء
إلا المظاهر، ولكن القلوب هي الأساس. فالله تعالى لا ينظر لأشكالنا ولا
لصورنا، ولا ينظر لمراكزنا في الدنيا، بل ينظر إلى قلوبنا، فهل قلوبنا
نقية مثل قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
هل نحن متواضعون مثل
تواضع الحبيب الأعظم عليه الصلاة والسلام؟ هل نتقرب من الفقراء وندنو من
المساكين كما كان سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم؟ ماذا عن انفعالاتنا،
هل نغضب لغضب الله ونرضى لرضاه عز وجل؟ وهل نشعر بمعاناة إخوتنا في
الإيمان؟
والله لو طبَّق المسلمون حديثاً واحداً من أحاديث النبي، لكانوا أسعد الناس وأقوى الناس، وذلك عندما قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)،
فهل فعلاً تحب لأخيك ما تحبه لنفسك؟ للأسف هذا الحديث يطبقه اليوم
الملحدون في الغرب، فتجدهم يتعاونون من أجل تحقيق مصلحة دنيوية، أفلا
نتعاون من أجل مرضاة الله تبارك وتعالى؟